معلمنا وصفعة الراتب ؟؟!!..مدونة الاديب وليد الهودلي

 معلمنا وصفعة
الراتب ؟؟!!     



في لحظة كونية
حاسمة حيث نزول المطر مدرارا يعمّ الأراضي الفلسطينية، ومع لحظة تشهدها القضية
الفلسطينية في مفصل جازم وقاطع حيث ينذر أسرانا ببركان الغضب والتحرّر من أنياب
أعتى سجّان عرفته البشرية، أكتب لك معلمنا المسحوق، يا من استخفّ وليّ أمرك بك،
وظنّك متسوّل على قارعة الطريق، ظنّوا بك أنّك صاحب وظيفة وطالب معيشة ترضى
بالدنيّة وتغرق في صمت ظلمك المكبوت، تمشي الحيط الحيط وتقول يا ربّ رضينا سوء
الحال وعجز الحيلة والمقال وانتظار حسن الختام مهما كان الحال والمآل.
ويبقى معلمنا هو
المعلّم الذي لا يرضى الدنيّة وينتفض على الظلم وما يراد له من سوء الأحوال وجرجرة
اللئام، يعرف متى وكيف يقول لا، يصبر طويلا ولكنه ليس صبر العاجز الذليل وإنما
الصبر الجميل الذي لا يدفعه للتنازل عن كرامته أو حقّه، صبر الكريم الذي يستنفذ
كلّ الوسائل الطيبة اللطيفة ولكنه في ذات الوقت القويّ الأمين الذي يعرف كيف يصل
الى حقّه ولو كان ذلك من فم الأسد وأنياب الذئاب وابتسامات الثعالب الماكرة.
إذ لا يعقل أن
يكون حال معلمنا هذا الحال وهو الذي نوكل اليه اقدس واعظم المهمّات، هو الذي
نستأمنه على أخلاق أبنائنا وعلى الاشراف المباشر على تكوينهم النفسي والثقافي
والعقلي والروحي، هو الذي يقيم في عقولهم أركان التفكير العلمي وينمّي منهجية
التفكير القويم والسلوك الصالح والمعرفة وتحقيق الذات، هو الذي يزرع الانتماء
ويقيم الوطن في داخلهم، يزرع القدس في اعماقهم، ويستنبت القيم الدينية والوطنية
ويربّي فيهم الروح العالية ويجعل منهم لبنات صالحة لمجتمع يسير في طريق التحرير
والتحرّر من أعتى استعمار كولونيالي عرفته البشرية، فالمهمة عظيمة والعمل المطلوب
عميق وكبير وواسع، يحتاج الى جهود جبارة وعمل دؤوب مثابر يبذل فيها المعلم وفريق
التربية والتعليم قصارى جهودهم من معارف وخبرات على شكل مناهج وانشطة وتثقيف
وتدريب وإنتاج مهارات وقيم سلوكية وفي المحصلة النهائية انتاج المواطن الصالح
المصلح القادر على النجاح في كل تحدّيات الحياة خاصة ما نواجهه من احتلال مرير
وواقع بالغ التعقيد.
أبعد كل هذه المهمّات
ونحن نضع بين يديه ثمرات قلوبنا وفلذات أكبادنا لا نمكّنه من العيش الكريم ونضيّق
عليه في توفير سبل العيش الكريم؟ هكذا ندفعه للعمل بعد دوامه المدرسي واحيانا نجده
عاملا في كازيّة أو فتى بقّالة أو عامل سوبرماركت تطحنه ساعات عمل طويلة وماكينة
سوق لئيمة لا تراعي فيه مكانته ولا مشاعره ولا دوره العظيم الذي يصل الى قداسة
عالية لو أردنا أن ننصفه ونعطيه جزءا من حقّه.
لا
يمكن لنا تكريم المعلّم معنويا وفي هرطقات ثقافة لئيمة تريد ان ترفعه في سحر الكلمات
وفي ذات الوقت تسحقه مادّيا وتضيّق حياته عليه، التكريم يا سادة لا يتجزّأ،
الاثنان معا ماديّا ومعنويا، لان الذي لا يجد ما يكفيه في بيته لن يستقرّ له حال
وسيرى في كلمات الرفع المعنوي سخرية وتخديرا وضربا من الاستهزاء. وسيرونه الناس
أيضا هكذا وسينعكس هذا حتما على طلابه وعلى ما ينتجه في نفوسهم، فصاحب القلب
المكسور الذي يرى السيّارات الفارهة التي توصل طلابه لن يقف امامهم الوقفة
التربوية المطلوبة ولن يفي لمجتمع قاده الى هذه الذلّة الوظيفية ومهانة الراتب ا










Previous Post Next Post