الوباء بين الفهم الديني الصحيح والكوكتيل الثقافي العجيب ؟! ( نبضات ساخنة 357 )


الوباء بين الفهم الديني الصحيح والكوكتيل
الثقافي العجيب ؟!
 

لقد تنكّر البعض للفهم الديني الصحيح من
خلال ثقافة اختلط فيها الحابل بالنابل وأدلى من يعرف ولا يعرف بدلوه، وتداخلت
الثقافة الصحية العلمية والشعبية والفيسبوكيّة بالموروث الديني والاجتماعي ودخلت
على الخط ثقافتنا السياسية والاقتصادية بكلّ تشوهاتها وأبعادها الحزبية والفصائلية
والتآمرية.



·       وصل الامر بمن ينكر
وجود الفيروس جملة وتفصيلا وأن يدير ظهره بكل بساطة لتسعة ملايين إصابة أعلن عنها
عالميا وقرابة النصف مليون حالة وفاة وأن لا تهزّ هذه الأرقام والكوارث التي حدثت
في العديد من الدول خلية من خلايا جلدة راسه السميكة، بكل بساطة يصف الامر بانه
كذبة كبيرة خدعت العالم أجمع. ولا ندري متى وكيف يصحو هذا الصنف من الناس بعد لن تهزّه
هذه الارقام؟  



·       ما زال هناك من
يتعلّق بمسائل فرعية ويصب جام غضبه فيها ويسخر كل طاقاته العقلية وافكاره الدينية،
فمثلا يتناول التباعد في صف الصلاة وانه مخالفة شرعية عظيمة تستدعي ان ينزل الله
عقابه على أمة خالفت شرع ربّها.



·       هناك من لا يدقّق في
مصادره المعرفية ويصرّ على أن يروي عقله ما وافق هواه بغض النظر من أين أتت
المعلومة وهل تستند الى أساس ام هي مجرد إشاعة لا أصل لها ولا دليل.



·       وهناك من لا يعترف
ولا يثق بأي مصدر ديني وفي نفس الوقت هو ليس اهلا للاجتهاد والبحث في الادلّة
الدينية فلا اجتهد ولا أخذ براي اهل الاجتهاد والفتوى والاختصاص.



·       وهناك من يقيس الامر
على احداث مشابهة من عمق التاريخ ولا يجهد نفسه في احتمالية أن هذا الامر جديد
وينتظر منا اجتهاد جديد وأن ما يجعل ديننا صالح لكل زمان ومكان هو خاصية الاجتهاد
من قبل اهل الاجتهاد.



·       هناك من يعتبر موروثه
الاجتماعي وعاداته التي اعتاد عليها، مبادئ لا يمكن ان ينفكّ عنها باي حال من
الأحوال وهو مستعد لأن يرمي خلف ظهره كلّ الارشادات والتوجيهات العلمية الصحيحة
اذا خالفت أي عادة من عاداته.



لا بدّ من نقاط تفصل الامر وتضعنا على جادة
الصواب في امر ديننا بفهم رشيد يستخرجنا من هذا الكوكتيل الثقافي العجيب:



·       لا بدّ من التحقّق من
مصداقية ما نعتمده من أخبار أو إرشادات صحية أو فتاوي دينية فعقلية الانسان مسئولة
ولا يجوز لها ان تتبع الهوى ولا تقبل بأن يجهل أحد عليها أو يستغفلها . فالاخبار
لها أصول في معرفة مصادرها ومصداقية هذه المصادر وطريقة نقل الخبر، لم يعد اليوم
في ثقافة عصرنا من يُقبل عذره في عدم تحققه من الاخبار التي ترده.



·       والارشادات الصحية
اغلبها اليوم في العالم الافتراضي لا أساس لها وما يتناقله الناس شعبيا ثبت أيضا
أن أغلبه غير صحيح. هناك مصادر متخصصة وموثوقة ممكن الرجوع اليها ودون ذلك جهالة
ما بعدها جهالة كما اشتهر واصبح نكتة من أن الشلولح في مصر علاج للكورونا. آن
الأوان أن نتخلص من هذه الثقافة الصحيّة التي شلوحتنا وان نتخلّص من كلّ هذا الخلط
وهذه الارشادات التي تضرّ أكثر مما تنفع. وهناك مسافة بين الاكل الصحي الطبيعي ومن
أن يُستخدم بعضها إرشادات علاجية لا دليل عليها.



·       أما الفتاوي الدينية
فهذه لها قصتها الطويلة في كتابين رائعين للشيخ الغزالي والقرضاوي تحت نفس العنوان:
كيف نتعامل مع القران وكيف نتعامل مع السنة، هناك من يرجع لآية او حديث وقد تكون
منسوخة أو لا يعرف كيف يستخرج منها الحكم الشرعي وان هذا الحكم يستخرج من مجموع
الأدلة وليس من دليل واحد وكذلك يلعب الفهم اللغوي دوره في استنباط الحكم وهناك
المقيد بمناسبة معينة وهناك المطلق .. الخ المهم إما أن تكون مؤهلا للاجتهاد أو أن
ترجع الى من تثق في اجتهاده من خلال مكانته العلمية ومصداقيته في الفتوى التي
عهدتها فيه من قبل. لذلك كان قوله تعالى: ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا
تعلمون) 



هذا
الوباء فرصة لاعادة النظر في هذه الثقافة وللتخلّص من آصارها وأغلالها مع الاخذ
بجوانبها الإيجابية الخلاقة التي لا تصطدم مع العلم ولا الفهم الديني الصحيح


أحدث أقدم