المعلم بدر دائم في حياتنا ... في #ذكرى_يوم_المعلم ..( نبضات ساخنة 282)


المعلم بدر


مع كل ما حصل على المعلم من ضربات قاسية أشدها أنه أصبح يعيش ظروفا معيشية
قاسية بسبب سحق راتبه وآخرها تنمّر الطلاب على معلمهم بأشكال متنوعة من
التنمّر، الا أنه يجب اعادة الاعتبار للمعلّم لاسباب كثيرة أهمها الدور
الهام الذي يقوم به وعليه يترتب صناعة المستقبل وتحديد ملامح الجيل القادم
الذي نعّول عليه كثيرا.


لقد قلّبت أمور المعلم فوجدت أن الصورة الجميلة التي يرسمها البدر عند
طلوعه في ليلة حالكة هي الاقرب لما يقوم به المعلم في حياة الناس، فظلام
الامية والجهل والتخلف لا يبدّدها الا المعلم الذي ينير قلوب طلابه ويهيؤهم
لبزوغ الفجر والسير في الحياة على المحجة البيضاء بياض الشمس رابعة
النهار، سوى ان البدر له ايام معدودات بينما المعلم دائم الحضور والعطاء
وبث النور والضياء .
البدر عندما يكتمل تتمثل فيه القدوة الكاملة
والمعلم كذلك خاصة عندما يتكامل دوره أمام الطالب فيراه مثلا عاليا شاخصا
أمامه، ينسجم قوله مع فعله، ويرى اخلاقا رفيعة تسير على قدمين، يحببه للقيم
العليا في الحياة ويصنع للمعرفة صورة مشرقة فيقع في النفس مع العلم حبّا
وانسجاما تهواها القلوب قبل ان تستوعبها العقول، فيستفيد الطالب من حال
معلمه أكثر من فائدته من قوله.
وكما البدر يشق طريقه وسط أدغال الظلمات
دون أن يتداعى للظلام ويغرق فيه، كذلك المعلم يرى الظلمات التي توشك أن
تلتهم كل من يقف في طريقها، هناك من الدعاوي والمثبطات التي تدفع المعلم كي
لا يقوم بدوره كما يجب، فيعطي على قدر ما يأخذ ولكن المعلم يرفض هذا
الهبوط ويبقى في عليائه معطيا بكامل قدراته رغم انه يظلم ولا ينصف في هذه
المهنة التي باتت قرينة الفقر وعلى حافة الجوع والعوز .
ومع مرور
الايام نجد البدر يتراجع ويخفت ضوءه شيئا فشيئا الى أن يتلاشى فيسيطر
الظلام على المشهد لتغرق الخلائق كلها في الظلمات، هناك من المعلمين من
قضوا في هذه المهنة أربعة قرون دون أن يخفّ نورهم أو أن يتراجع ولو قيد
أنملة، رغم كل الظروف القاسية التي اشتد حبلها على عنق المعلم إلا أنك تجده
يستشعر الامانة فيعطي الطالب حقّه دون أن ينقصه شيئا. يفصل بين الامرين حق
المعلم ومطالبته بتحسين أوضالع المعيشية وبين ما يقوم به من أمانة التعليم
.
وهنا لا بدّ وأن نطالب بقوّة لانصاف المعلّم ورفع مستوى معيشته لما
في ذلك من ضرورة لاعادة الاعتبار للمعلم، لان هذا من متطلبات هذه المهنة
السامية، ومن أجل أن نشجّع الشباب لطرق ابواب هذه المهنة وترك عزوفهم
الحاصل عنها.
ولا بدّ أيضا من مشاركته في صياغة المناهج والمقرّرات
التعليمية والتعامل معه كشريك لا كأداة منفذة ، إذ أنه القادر على تحديد
قدرات واحتياجات الطالب والقادر ايضا على عمل التغذية الراجعة وتصويب الخلل
الذي يعتري هذه المناهج .
المعلم هو محور نجاح ورقيّ المجتمعات،
علينا أن لا نبخل عليه بحياة عزيزة كريمة ليكتمل عطاؤه وليكون لطلابه البدر
الذي يبدّد من عقولهم وقلوبهم كل الظلمات .




Plus récente Plus ancienne