الاخوان بين السلمية والثورية ؟


#الاخوان_بين_السلمية_والثورية ؟!


( هذا مقالي وشكرا للذين ساهموا وأثروا الموضوع في المنشور السابق )

بعد استشهاد الدكتور محمد مرسي تعالت الاصوات التي تطالب الاخوان في مصر
بتغيير النهج السلمي الى النهج الثوري ، ويسوقون الادلة بأن النتائج قد
ظهرت وأن النضال السلمي الطويل منذ قرابة القرن من الزمان لم يفض الى نتائج
ومؤشرهم في هذا أنهم لم يصلوا الى الحكم وعندما وصلوا بسرعة انقلب خصومهم
عليهم وأردوهم السجون وأعادوهم الى دائرة المحنة التي اعتادوا عليها حيث
الظلم والقهر على أسوأ ما يتصوره الانسان ، لماذا يقع الاخوان لقمة سائغة
بين أنياب الذئاب المتربصة بهم ؟ لماذا لا يكون للاخوان قوة أو شوكة يرهبون
بها على الاقل من يريد الايقاع بهم ومن يريد ان ينقض عليهم ويتربص بهم
الدوائر ؟؟ وهؤلاء أصحاب ذات المدرسة حيث لا يذهبون بعيدا حيث العنف
والتوحش كداعش ولا ممارسة التكفير حيث أن فكر الاخوان لا يسمح بهذا البتّة
ولكنهم يريدون للاخوان قوة قادرة على رد كيد الكائدين والذود عن حقهم
المشروع في تداول السلطة وممارسة دورهم السياسي بشكل طبيعي كما هو الحال في
كل دول العالم التي يجري التدول السلمي فيها للسلطة ، هي قوة فقط للرد على
من يريد ان يستخدم القوة معهم اي هي للدفاع عن النفس من عدوان الظالمين .
اليس هذا حق مشروع لحماية المشروع السلمي لحقهم في العمل السياسي المعلوم ؟


وهناك في المقابل من يدافع عن الالتزام الكامل بالسلمية مهما مورس
على الاخوان من قمع وعدوان ، ويبرر ذلك بالحسابات التي تعطي الاولوية
للصالح العام لهذه المجتمعات خشية من الوصول الى الحرب الاهلية والوقوع في
حمام دم لا تحمد عقباه ، الذي يمارس العنف والقهر والسحل والاعتقال
والتعذيب الشنيع في الزنازين لا يفكر بهذا البتة بينما المظلوم المقهور
والمسحوق يحرص على سلامة المجتمع وحمايته من سفك الدماء . وبهذا يتمثلون
طرف من طرفي أبناء ادم وهو الذي حافظ عل نقاء نفسه كونه مظلوما ومقتولا
ورفض أن يتحول الى قاتل ظالم خاسر لطهارة قلبه : ( لئن بسطت يدك لتقتلني ما
أنا بباسط يدي اليك لاقتلك اني اخاف الله رب العالمين ) . ويذهب أصحاب هذا
النهج الى الفترة المكية التي حافظ عليها رسول الله على سلمية الدعوة وما
حصدت من نتائج على صعيد مظلومية اصحاب الدعوة وتعاطف الناس دوما مع المظلوم
.

ولكن يرد عليهم الطرف الاول بأن السلمية في دعوة رسول الله لم
تستمر مائة عام ، كان لا بد من يكون مع اصحاب الدعوة الحق من قوة تحميها ،
فالحق دون قوة ضعف والقوة دون حق ظلم بينما الحق مع القوة عدل . فلا بد من
الانتقال الى مرحلة القوة والثورة وهؤلاء كذلك لا يخرجون من دائرة الفهم
الرشيد فيقرون بأنه لا بد من دراسة وافية لكيف ومتى ومع من يتم استخدام
القوة ومتى تستلزم الضرورة ذلك وبالقدر المطلوب وكيف يجري الاستعداد لمثل
هذا الخيار في ظروف بالغة التعقيد ومحاصرة من قبل اجهزة امنية واستخبارية
متمكنة محلية واقليمية ودولية وتملك امكانات هائلة وقرون استشعار بالغة
الدقة ... الخ

ويذهب الخصوم الى الذهاب بالاخوان بأنهم ارهابيون
وجاهزون للعنف واستخدام القوة وبأن عليهم أن يتغدوا بهم قبل ان يتعش
الاخوان بهم . وهؤلاء يعرفون تماما أن المصادر الاساسية للفكر الاخواني
فيها ما يدعو لاستخدام القوة وأنهم ليسوا كغاندي في مقاومته السلمية ،
يدركون تماما أن ذروة سنام الاسلام الجهاد في سبيل الله وأن الاسلام لا
تقوم له قائمة دون الجهاد خاصة اذا اقتضى الامر ، وأن حالة الاستضعاف لا
يرضى عنها الاسلام لاتباعه ولا يرضى للمستكبرين أن يبسطوا جبروتهم والمسلم
يواجه ذلك على الدوام بانكار ذلك بقلبه وان اقتضى الامر فبلسانه بل يتبعون
ذلك بأن عليه ان يواجه المستكبرين بيده .

وهنا السؤال : اذا تمكن
المستكبرون من كل مفاصل الوطن : جيشه وأمنه واقتصاده وسياسته وثقافته
واعلامه وكل مقدراته وساروا بكل هذا نحو الهاوية وظهر الفساد في كل شيء،
وهيمنت شريحة المستكبرين هذه على كل مقدرات البلد لتغنى طبقتهم الغنى
الفاحش ولتسحق الغالبية العظمى من الناس ، والاخطر من هذا عندما يتماهى
هؤلاء مع أعداء شعبهم ويصبحوا بمثابة وكلاء السياسات الاستعمارية فيرسموا
للبلد خطا لاوطنيا يأخذه بعيدا عن ممارسة دوره الوطني المنتمي لعروبته
وللقضية المركزية للامة قضية فلسطين . فهل تبقى بمثل هذه الحالة حركة كبيرة
بحجم الاخوان في دائرة الاستضعاف وانكار الفساد بالقلب واللسان مكتوفي
الايدي دون حول أو قوة أمام هذا الاستكبار الغاشم ؟ وهنا لا بد وأن نذكر أن
أذى هؤلاء المستكبرين قد واجه سلمية الاخوان ببطشه الشديد ، يعني أنه لم
يحترم سلميتهم ولم يقدّر بأن بامكان هؤلاء أن يتحولوا عن سلميتهم أمام هذا
الحجم المهول من الاستبداد والقمع ؟

وهناك من كان ينتقد فكر سيد قطب
حول المفاصلة ومواجهة الطاغوت وشرحه الحركي لسور القران : "الانفال والتوبة
وال عمران ومحمد " وأنه قد طرح نهجا ثوريا في مواجهة المستكبرين وأنه بذلك
قد انتج جماعات في المجتمعات العربية تميل الى العنف والتغيير بالقوة ،
رغم أن علينا ان نفرق بين ما طرحه قطب وبين من جاءوا بعد ذلك وفهموا ما
يريدون فهمه وتركوا سوى ذلك ، اليوم يعود التفكير للذين انتقدوا قطب
بثوريته الى اعتقاد صحة ما طرحه قطب ولكن بشمولية الطرح لا بالانتقاء ،
وبما أراد سيد لا بما فُهم عنه فيما بعد ظلما وزورا .

خلاصة القول ان
الموضوع بالغ الترابط بين مصادر التفكير عند الاخوان وحصيلة التجربة
الطويلة والاستفادة من تجارب قريبة من نهج الاخوان والفكر الحركي الاسلامي ،
مع القدرة على الاجتهاد بما يناسب الظروف المستجدة وتقدير المآلات وتحقيق
مقاصد الدين بدرء المفاسد المقدمة على جلب المصالح وبدراسة الامكانات
والاستعدادات لاية خطوة بحيث لا تأخذ الاخوان ومجتمع الاخوان من سيء الى
أسوأ بل من أحوال في غاية السوء الى ما هو أقل سوءا والى ما يوقف حالة
السير الى الهاوية والتماهي مع أهداف أعداء أمتنا وشعوبنا ، يبقى السؤال
الذي يحتاج الى الراسخين في العلم الديني والدنيوي ، متى وكيف على الاخوان
أن يكونوا سلميين أوثوريين ، كيف يزاوجوا بين الخيارين او يأخذوا بأحدهما
حينا والثاني حينا آخر اذا لزم الامر وفي اللحظة التاريخية المناسبة ؟؟
ولكن المحظور جدا هو التفكير التقليدي حيث يأتي من يقيد نفسه باجتهادات من
سبقه رغم تغير الظروف والاحوال ثلاثماءة وستين درجة ، المطلوب هو : آن
الاوان للاجتهاد السياسي الحكيم والشجاع بما تتطلبه المرحلة بكل دقة واتقان
بعيدا عن المراوحة في ذات الاجتهاد حيث طمأنة المتربصين وإصرارهم على فعل
الطغاة والمستكبرين بالاخوان ومجتمعاتهم المستسلمة والمستضعفة لهؤلاء
الطغاة .



Previous Post Next Post