ان المصالحة تشابهت
بعد عدة جولات تفاوضية بين موسى عليه السلام وقومه وبعد أناستوضح الامر لقومه من السماء وبات جليا واضحا أوضح من الشمس رابعة النهار ، قال
بنو اسرائيل إن البقر تشابه علينا ،إذ أن الزيادة في الايضاح كانت عندهم زيادة
في الغموض .. لم يكتفوا بادىء ذي بدء بأن حلّ الموضوع يحتاج الى بقرة .. إنها
ليست بكتيريا لا ترى بالعين المجردة ولا نوع مجهول من انواع الحشرات التي لا
يعرفها كثير من الناس .. إنها بقرة ضخمة الحجم لها اربعة قوائم ترفعها للناظرين
فيرونها بكل دقة وجلاء .. لم يكن هذا الحجم كافيا للناظرين من بني اسرائيل
فطلبوا المزيد من التفاوض للبحث في التفاصيل .. ما تكون هذه البقرة وما هي
أوصافها ، سلالتها وحسبها وهويتها العرقية والثقافية ولون حليبها .. ما هي ؟؟ ما
دينها وفصيلها وماذا تأكل وتشرب ؟؟ الشيطان يكمن في
التفاصيل لذلك لا بد من فتح
أبواب التفاصيل على مصراعيها .بمختصر مفيد وكأنه يقول لهم لا داعي للمزيد من
التفاصيل .. المطلوب بقرة فحسب وإن كان ولا بد فلا بد من أن تكون لا فارض ولا
بكر عوان بين ذلك افعلوا ما تؤمرون وانتهى الامر .. توقفوا يا جماهير هذا الشعب
المختار طويلا فلا تليق بكم المختصرات ولا تأتي على مقاس أوسدتكم العريضة وهي
غير قادرة على اختراق جلود رؤوسكم السميكة ..لا بد من المزيد من التفاوض .. لا
بد من فتح ملف الالوان ومن أي الالوان هي لأن وراء اللون تقف تحليلات كثيرة وقد
نصل الى سلسلة التاريخ الحضاري الساكن في اعماق هذه البقرة .. إنها عراقة النسب
والحق التاريخي ومن لا تاريخ له فلا حاضر ولامستقبل .. قال لهم نبيهم إنها بقرة
صفراء .. ومن أي الصفار ؟؟ فاقع لونها .. فاقع مزعج أم فاقع مريح ؟؟ فاقع يسر
الناظرين .. حسنا هل انتهى موضوع البقرة ؟؟ لتفاصيل ؟ زادتنا بعدا عن البقرة المنشودة ..
إن البقر تشابه علينا .. وعادوا الى المربع الاول : ما هي ؟ إلا أنهم أردفوا :
وإنا إن شاء الله لمهتدون .. هداهم الله الى كلمة السر وهي طلب الهداية بعيدا عن
الفلسفة الزائدة وبعيدا عن التفاصل الزائفة .. ومع ذلك خذوا من التفاصيل ما
يحلوا لكم .. إنها بقرة لا ذلول .. ولكن ماذا عن العمل ؟؟ هل هي عاملة أم عاطلة
عن العمل ؟ اطمئنوا : لا تسقي الحرث .. بقي مواصفات الوظيفة المطلوبة ؟ كيف حال
صفاتها ؟ ماذا عن عيوبها ؟ هل هناك انحراف في
قرونها أو عمش في عيونها أو أن
هناك عرجة في إحدى قوائمها ؟ دقة تفاصيل التفاصيل مطلوبة حتى نصيب حكم الرب ولا
نحيد أونختلف فيما بعد .. يا جماعة الخير إنها بقرة مسلمة لا شية فيها ..
سكّروا على الموضوع إنها كاملة مكملة للاوصاف وجميع الصفات الحسنة .. إنها فريدة
من نوعها ولن تجدوا إلا واحدة من هذا النوع الحاصل على درجة الشرف والامتياز
الاولى على مستوى ذاك الزمان ؟؟ لقد اخترتم طريق التفاوض الطويل الذي يمعن في
ترف البحث واستقصاء كل احتمالات الخلاف الممكنة والذي كانت نهايته أن قلوبكم قست
فأصبحت كالحجارة أو أشد قسوة لآنها تعرضت طويلا على نار هادئة من البحث في
التفاصيل المملة التي زادتهم بعدا وشكّا وعماوة لم تبق للثقة أو حسن النوايا
أي أثر .. وإنما التربص والكيد والتذاكي والفلسفة المفرطة في صغائر الامور قبل
كبيرها
وتشابهت على بني اسرائيل في غابر الزمان أوصاف
بقرة التبست وتشابهت على الفلسطينيين أوصاف المصالحة والفرق الفترة الزمنية فلا
أعتقد أن ذاك الالتباس قد استغرق خمس سنوات بينما قصة المصالحة زادت والحبل على
الجرار .. كل جولة تفاوضية يقولون أننا قاب قوسين أو أدنى فيتهيأ لنا أنه لم
يتبق سوى لونها .. بقي بعض النقاط البسيطة ستحسم في لقاء قمة ، فتأتي القمة
وتروح المرة تلو الاخرى لنكتشف أن هناك نقاط غير اللون قد يكون العمر أو الطول
أو درجة اللون أو التوقيت المناسب أوالاتفاق على بعض الامور التي قد تكون سببا
للاختلاف في المستقبل ثم ما هو شكل الحكومة فمواصفات رئيسها مثلا يفوق الخلاف
عليها خلاف مواصفات بقرة بني اسرائيل إذ يجب ان يكون حلوبا للمانحين وفيه ما فيه
من القدرات الخارقة والمعجزة وفي نفس الوقت لا لون له ولا رائحة ولا طعم .. من
أين نأتي برئيس حكومة لا عيب فيه ”مسلمة لا شية فيها ” ، يثير الارض ويسقي
الحرث لا فارض ولا بكرعوان بين ذلك
“وإنا إن شاء الله لمهتدون” ونحل كل الالغاز
ونربح مسابقة المليون سؤال فلا تتشابه علينا المصالحة ولا تلتبس ونوقع الاتفاق
.. نصل بعد تقطع الانفاس وقسوة القلوب فتنكسر الارادة وتبيت عاجزة عن تنفيذ
الاتفاق .. لا بد من الاتفاق على تنفيذ الاتفاق .. نعود الى السؤال الاول : ما
هي ؟ إن المصالحة تشابهت علينا …اللهم فرجك .. لا أعتقد أن الشعب الفلسطيني
الحر الأبي سينتظر الى نهاية هذه اللعبة .. سينزل الى الملعب ليضع حدا ويعلن
نهاية المباراة وبداية مباراة جديدة هو الذي يتحكم بقواعدها ومسارها بشكل كامل .
فلا عجب إذ أنه كان أول من أدخل للعلوم السياسية مصطلح الانتفاضة وقد روى لنا
التاريخ بأن الشعوب العربية قد التحقت بها بعد عقدين من الزمان بما سمي بالربيع
العربي حيث انقشعت غيوم سوداء من سمائها وبزغت شمس حرية صافية لا شية فيها . جاءهم نبيهم لقد غرقنا في وكما التبست وبعد أن نصل الى
التسميات :
مقالات