الكورونا يشيّع صفقة القرن الى مثواها الأخير، ضعف الطالب والمطلوب؟! ( نبضات ساخنة 326 )

 

ضعف الطالب والمطلوب؟!



بدا العم سام وهو يصدّر لنا ما أسماها صفقة
القرن مغرورا متبجحا وأنه صاحب اليد الطولى التي تفعل ما تشاء، وأنّ الامر كله
بيده ويد ربيبته، يفعل ما يشاء حتى من غير وضع الطرف الاخر في الصورة أو أخذ رأيه
أو التحاور معه، لا داعي لكلّ هذا لأنه القدر المحتوم لهذه المنطقة يفعل بها ما
يشاء، يعزّ من يشاء ويذلّ من يشاء! بلغ به غروره أن يقول قولة فرعون الأولى :
" إن أريكم إلا ما أرى" ، رسم وقسّم وخطّط وفصّل بما يتناسب تماما مع
مقاس سيّده المدلّل " نتنياهو"، لم يكن يرى الا بعيني حليفه المقدّس،
ذهب بعيدا وتنكّر لكل المفاوضات والاتفاقيات التي كانت تحت رعاية دولته وأدار ظهره
لكل القرارات الدولية وصفع كل حلفاء دولته التاريخيين والاستراتيجيين حتى انه لم
يحسب لهم أي حساب ولم ير فيهم الا أدوات لتحقيق أهوائه والانصياع لنزواته، قدّم
القدس على طبق من ذهب لشيطان المنطقة، وقضم لهم الجولان ووضع بوصلته على مبتغى
ومراد هذا الشيطان.
ولمّا بلغ ما بلغ من العتوّ والعجرفة وتناهى
الى سمعه أن فيروسا حقيرا وضيعا يصيب دولة من دول الخصوم، انتشى وازداد غطرسة
وغرورا ووصف هذا الفيروس وصفة عنصرية إذ أن العالم كلّه يقول عنه فيروس كورونا او
كوفيد 19 وهو يقول عنه الفيروس الصيني، إذ لا شك عنده بانه من حالف شعب الله
المختار فهو وهم ظلّ الله في أرضه وهم الاطهر والاتقى والى الله الأقرب، وهم أبناء
الله وأحباؤه وهذا وباء يصيب الله به أعداءه وكل من لا يرى ما يراه العم سام
والنتنياهو .
رعدت صفقة القرن وأبرقت ثم في سماء
الكورونا الجديد الذي أحاط بهم وأحاط بالبشرية جمعاء تلاشت وزهقت روحها، أخيرا طرق
الفيروس أبواب صاحب الباب العالي لصفقة القرن واتاهم الله من حيث لم يحتسبوا،
ظنّوا أنهم مانعتهم حصونهم التي بنوها بعلوّهم وجبروت طغيانهم من الكورونا، ظنّ أن
التكاثر بالاموال وطغيان الاقتصاد أهم من صحة وعافية الانسان، تجاهل الامر فالرجل
الأبيض والاشقر والاصفر لا يأتيه باطل الصين وشرّه! هذا الفيروس لا يخترق الا من
هم دونه من أجناس واصناف البشر.
ويأبى الله إلا أن يقهر من يظنّ في نفسه
أنه فوق البشر، أو من ظنّ أنه قادر عليها وهو بما وصل اليه من علوم وقدرات قد أصبح
اله هذه الحياة وانه هو صاحب الامر كلّه، يصيغ الصفقات من الفها الى يائها دون أن
يراعي حقوق البشر أو من لا يراهم من البشر، ألقيت بظلمك جزافا بصلف رجل الكابوي
وعنصريته الحمقاء ومضيت عاتيا مستكبرا بروح الفاشية والنازية والامبريالية وكل ما
جمعت الأرض من أشكال التوحش والعنصرية تدوس بها حقوق المظلومين من البشر.
ها أنت يا من ظننت نفسك اله البشر بجبروت
طغيانك، تخرّ راكعا أمام فيروس يحيلك معزولا مذموما مدحورا، بين عشيّة وضحاها
أحالك الفيروس الصيني! (على حدّ تعبيرك العنصري) أنت ودولتك الى مدينة أشباح تخشون
الخروج للشارع، تُرعبون من نسائم الهواء ولمس الأشياء وتواصل بعضكم لبعض، هذا
الفيروس أيها الاله المصطنع يطاردك ويمنعك من كل شيء، يقول لك كل ما بين يديك انت
محروم منه وليس لك أن تلمسه أو تصيبه يديك، يقول لك أنت أضعف من بعوضة وما هو أقلّ
منها واخسّ، أنت وكل من معك وكل جبروتك لا قبل لك بذبابة وان يسلبك هذا الذباب شيئا
فلن تستنقذه منه، ضعف الطالب والمطلوب، اليوم إن يسلبك فيروس كورونا شيئا لن
تستنقذه منه وهذا ما هو أحقر وأقل على الله من الذبابة، لانك بظلمك وطغيانك كنت
أخسّ وأقلّ على الله من الذبابة التي ضربها لنا مثلا في كتابه العزيز. 
لقد شيّع هذا الفيروس الصغير في حجمه
الكبير في فعله، غطرستك يا عمّ سام الى مثواها الاخير، لقد شيّع استكبارك وطغيانك
وظلمك وأبّهتك وصولجانك وعنصريتك ومخططاتك الفاجرة وسياساتك الحمقاء واقتصادياتك
العاتية واعلامك المفتري الكاذب. ولقد شيّع فيما شيّع الى مثواه الأخير ما ادعيته
وسمّيته صفقة القرن.
بقي أن لا نعتمد فيما نعتمد على فعل هذا
الفيروس فحسب، لأن الله يريد أن يرى أفعالنا، جدّنا واجتهادنا، الثقة بقدراتنا
وخبراتنا، وحدتنا والوقوف أمام تحدياتنا، لنري الله ما نصنع بعد أن رأينا ما فعل
الله بجنوده الذين لا يعلمهم الا هو سبحانه: " وما يعلم جنود ربك الا
هو". مشوارنا مع الظالمين طويل والمطلوب منا ما زال كثير.
بقي ان نقول أننا لا نشمت بأحد وأن هذا
المصاب هو ابتلاء للبشرية جمعاء، ولكننا من الجميل ان نرى ضعف من يرون أنفسهم أنهم
قدر الله علينا.        
 


















Plus récente Plus ancienne