#رسالة_القوّة_والانتصار من شهد الى أخيها في زنازين المسكوبية ؟!


رسالة شهد الى اخيها
(نبضات ساخنة298)


بعثت شهد لاخيها عبد المجيد الذي دخل معركة زنازين المسكوبية القاسية،
رسالة قوية، مكثفة،شافية، وافية، ارتكزت على ثلاث معادلات بها يتمّ الصبر
والثبات وتحقيق الانتصار: نهلت من معين ايماني عميق وذهبت ببرمجة عصبية
عالية وطرقت على أهم الاوتار قوّة وحساسية لتصيب هدفها وتقوّي ارادة أخيها
في هذه المعركة العاتية.

في هذه المعركة غير المتكافئة يتناوب محققون
مدربون مؤهلون ويعملون كفريق واحد في مواجهة شاب ليس له من المؤهلات إلا أن
ننظر في قوّة ايمانه بربّه وصدق انتمائه لقضيته وقوة ارادته فيما تربى
عليه في سياقه العائلي والاجتماعي والتربوي بالاضافة الى وعي التجربة في
هذا المضمار ، وهذا يجب أن يُعتبر علامة فارقة للفلسطيني، ذلك أنّه في تحدّ
مستمر لاحتلال لا يرحم ولا يرقب فينا إلّا ولا ذمّة، وهو معرض للعدوان
بشتى أنواعه القاسية، والتي منها الاعتقال وتبعاته من تحقيق وزنازين
ومرابطة في خنادق الاعتقال، وهذه تحتاج منا تربية أبناءنا على الخوشنة ورفع
قدراتهم على الصبر والجلد وقوة العزيمة التي تحقق الذات الثائرة القادرة
على التحدّي والمواجهة.

أعود الى المعادلات الثلاث التي برمجتها شهد بكل دقّة وبراعة :

• ذكّرت بالعلاقة المتينة مع الله وأنه قد ارتضى لنفسه واختار لها أن يكون
في سبيل الله وهذا له ثمنه وهو أن يُختبر صبره وصدق عزيمته في هذا السبيل ،
الايمان والابتلاء صنوان لا يفترقان فبالابتلاء يُختبر الايمان ويثبت أهله
من الرجال والنساء، ودونه يدّعيه أيّ كان، لذلك به يميز الله الخبيث من
الطيّب ويكشف القويّ الشجاع من الضعيف الجبان.

• وذكّرت بان بنيانه
التربويّ عصيّا صعب المراس : " إلا أن الدواخل منك تشتعل فتملأ غُرَف
وممرات (المسكوبية) أملاً وقوةً
،
 وصبراً بإذن مولاك " ، وكانت في اختيارها
لكلمة الدواخل اختصارا كبيرا لمحتوى هذا البنيان التربوي الداخلي لهذا
الفتى : كيف بنيت ارادته وما هي طبيعة همّته وبماذا تشتعل عزائمه ؟ الارادة
محور هذه الدواخل : الارادة قوة وتوجّها : وفي هذا يكون الناس درجات: على
أية درجة تقف قوة ارادته ثم صدق توجه هذه الارادة باخلاص مجرّد لا رياء ولا
نفاق فيه ، ثقة عالية دون أن يصل الى غروره بنفسه فينسيه فضل ربّه في حفظه
ومعيّته الكافية ؟
• أما المعادلة الثالثة فقد نظرت في برمجته في سياق
من ساروا قبله في هذا الطريق اللاحب فثبتوا وضربوا اروع الامثلة جهادا
وتضحية، لم يأخذ منهم الاعداء لا حقّا ولا باطلا وحققوا الانتصار الساحق
على هذا العدوّ الذي لا رصيد له الا الحقد والخسّة والصفاقة، من أبيها
وأمها وأخته شذى التي سبقته وكل الاحرار الذين مرّوا بهذه المسكوبية
اللعينة، وأشعلت الروح أيضا بعظيم بغضنا لهذا العدو الشيطاني اللئيم لتفجّر
في نفسه مخزون التحدّي واشعال روح الانتصار.
معادلات هذه الرسالة
النورانية المحمّلة بروح جهادية ثورية حركية عالية هي التي علينا أن نربيّ
أبناءنا عليها، ونبني على قواعدها جيل تحرير واعد لمستقبل أيامنا مع هذا
العدوّ الغادر ، لقد ضربت مثالا للمرأة المؤثرة الرائدة، هذه هي المراة
الفلسطينية ذات الجذور العريقة والنبض العالي بكل فعاليات الحياة،هي ذات
النبض العالي للحاجة فرحة البرغوثي التي ما فتئت طيلة حياتها على مقارعة
المحتل ورفع لواء ولديها من عمق السجون اربعين عاما وماتت على ذلك،واسيرات
رفضن الحرية الا بشروطهن، وام محمد فرحات وام ناصر ابو حميد وامثلة لا يتسع
لها المجال ،هذه فلسطين التي تشرق كل يوم بخنساء جديدة، لا كما ما ياتينا
من مؤتمر سيداو الذي يهبط بالروح ويمسخ شخصيتنا ويجعلها ترتكس الى مهاوي
الردى والجاهزية التامة للاستعمار والاستحمار او التعايش مع ثقافة الاحتلال
تبعية وعبيدا واستسلاما.
لا شك باننا أمام مدرسة تربوية نجحت في
زراعة هذه القيم العالية، هي مدرسة بيت مربّ فاضل هو الشيخ ماجد حسن، وهنا
أعترف بانه ليس من السهل هذه الايام النجاح في مثل هذا البناء في ظل بيئة
تربوية طاغية حاصرت أبناءنا من كل جانب وأغرقتهم في طوفان عارم هو الانترنت
الذي لا يقلّ خطرا عن الطوفان الذي تعرضت له سفينة نوح عليه السلام، هناك
كانت الواح ودسر نوح طريق النجاة ، اليوم نحتاج الى أمثال هذا الشيخ في
اتقان عملية البناء التربوية بكل الواحها ودسرها المطلوبة.



Previous Post Next Post