#القضية_وظلمات_يونس_عليه_السلام ؟! ( نبضات ساخنة 263)



القضية وظلمات يونس عليه السلام




ملخص المقال : مقارنة بين القضية الفلسطينية وما آلت اليه أمورها وقصة سيدنا يونس عليه السلام عندما وقع في بطن الحوت .. وعن طريقة الخلاص من هذه الظلمات ، ماذا فعل يونس وماذا نحن فاعلون ، "
المقال كامل :::::






القضية الفلسطينية كقضية سيدنا يونس عليه السلام وقعت في ظلمات ثلاث، عندما استقر به المقام في بطن الحوت كانت قضيته المركزية: الخلاص والتحرر من هذا الحال ، ضاقت واستحكمت حلقاتها وكانت ظلمات ثلاث : ظلمة البحر العميق وظلمة الليل وظلمة جوف الحوت، كل واحدة منها كافية لظلمة تُحكم سيطرتها على قلب هذا الضعيف فكيف باجتماع الثلاث، لا ناصر ولا قريب ولا مغيث ولا ضجيج اعلامي ولا مسيرات جماهيرية ولا نت ولا "جي بي اس" يحدد مكان التيه والغرق في هذه الظلمات .




والقضية الفلسطينية تمر في أشد ظروفها حلكة، عندما احتلت فلسطين وغزتها العصابات الصهيونية كنا في ظلمات ثلاث : محليا غارقون في التخلف والجهل والغباء السياسي بحيث لم نكن ندرك حجم المكر الذي يُمكر لفلسطين، كان الظلام حالكا محليا واقليميا ودوليا، وما زلنا الى اليوم غارقون في ظلمات ثلاث مع اختلاف شكلها، اليوم عندنا ظلام الانقسام والفرقة وغياب برنامج التحرر الذي تتفق عليه القوى الفلسطينية، وعندنا ظلام الواقع العربي، الانظمة الفاسدة الغارقة في قهر وظلم شعوبها والمحترفة في تهميش قضايا الامة وقضيتها المركزية فلسطين الى ظلام التطبيع لدرجة تكون فيها أقرب الى عدو الامة من قربها من القضية الفلسطينية، وهناك البعد الدولي وانحياز قوى الاستكبار العالمية الى الاحتلال الصهيوني بشكل كامل .




القضية الاولي قضية سيدنا يونس وبطن الحوت حيث بدأ بتحرير ذاته من كل ما علق بها وهذا يعني أنها لن تعتمد على أحد الا الله وهذا بالمفهوم السياسي الواقعي اليوم يعني الاعتماد على الذات وجعلها حجر الاساس في عملية التحرير، الذات المتحررة من كل شيء ولا تعتمد الا على ذاتها.




• قال يونس عليه السلام معلنا تحرره : لا اله الا أنت، لن استنصر الا بك، وقال الفلسطينيون بعد أن تركوا قراهم ومدنهم ستحررنا الجيوش العربية وستعيدنا الى ديارنا قريبا، لم يقاتل منهم عام ثمانية واربعين سوى اربعة الاف وخمسماءة مجاهد ، وجادت الجيوش العربية بحوالي عشرين الفا، وكانت الاسلحة والاستعدادات متواضعة جدا، وكانت العصابات الصهيونية قرابة سبعين الف مقاتل مدرب جاءوا من الحرب العالمية ومسلحين أحدث الاسلحة، هذه لا اله الا انت تكرس الاعتماد على الذات لا الاعتماد على الجيوش العربية وما الى ذلك من مسوغات الهروب من الذات .




• قال يونس عليه السلام : سبحانك، عظّم الله في صدره ولم ير منجيا وناصرا سواه فلجأ اليه بكليته، ايمان يقيني عميق قوي يصل روحه بروح السماء فيعلو ويرتفع ويجد النصير والمعين والمغيث ، نحن في حينها سبّحنا بحمد حكام كانوا يسبّحون بحمد من جعلهم حكاما ، تعاظم في صدورنا بين الحين والاخر قوى اقليمية وعالمية وسلّمنا رقبتنا لها لتسهّل للذابح أن يذبح ذبيحته. كان الواحد منا اذا نظر صوب التحرر رفعوا في وجهه راية الخوف وتعظيم قوة لاحتلال في صدره، سيطرت ثقافة الخوف وتعظيم صورة الجيش الذي لا يقهر الى أن جاءت انتفاضة الحجارة وكسرت حاجز الخوف هذا، ثم جاء مؤتمر مدريد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ثم تبع مدريد اوسلو حيث كانت الاستجابة لموازين القوى العالمية الجديدة، ودول الحلف الامريكي اشد وأنكى حيث دفعت ملياراتها لتوظفها في حروب عبثية لان مصدر قوتها ومن تسبّح بحمده يريد لها ذلك.




وجاء النموذج اللبناني المقاوم الحرّ الذي لم يستجب لتداعيات الواقع العربي المأزوم،قلب معادلة الخوف وحسابات الخشية من أمريكا واسرائيل، أجبر جيش الاحتلال الذي لا يُقهر من الفرار من لبنان وقهره عام الفين في حالة هروب وهزيمة سمّاها الغسق، وهي أشد ساعات الليل حلكة، انقلبت المعادلة وأصبح هذا الذي يخشاه العرب وهو الذي أغرقهم في ظلمات الخوف والارتعاب منه من قبل، هو غارق في ظلام ومستتر بهزيمته النكراء ، ما السرّ ؟ بكل بساطة تحرروا من أن يقولوا له "سبحانك" كالذين رضوا به ربّا ومهيمنا على المنطقة، فقط قالوها للمعبود الحق، وجاءت حرب 2006 ليعكسوا المقولة التي تعودنا عليها : "وينكم يا عرب " قالوا : لا نريد دعمكم فقط التزموا الحياد ولا تتدخلوا . وانتصرت "سبحانك" عندما تقال لله على سبحانك التي تقال لامريكا و"اسرائيل" .




غزة كذلك بكل حصارها وفقرها وضعفها وقفت ووضعت حدا لغطرسة عدو الامة المركزي ؟ لماذا ؟ لانها قالت مقولة يونس : سبحانك فلم ترعظيما في قلبها الا الله فرأت دولة الاحتلال صغيرة حقيرة ، ورأت نفسها قادرة على أن تكون ندّا وقوية ترى الانتصار ممكنا. حققت توازن رعب وكشفت أمر هذا الذي يدّعي الالوهية على العربان ودول التنك وأثبتت أنه أوهن من بيت العنكبوت، لقد فضحت تلك الدول وجيوشها التي كانت تسجد لصورة وهمية لهذه الدولة وتضخم الخوف منها في صدور شعوبها ، غزة نزعت الخوف من صدرها ، كلمة السرّ هي "سبحانك " عندما تقال لمن يستحقها وتنزع عمن اذا قلناها له زادنا خبالا .




• وقال يونس عليه السلام : إني كنت من الظالمين، محاسبة للذات على خللها وتقصيرها، البحث اين الضعف والخلل ؟ ثم التصحيح والتطوير، لغاية الان تقول السياسة العربية مقولتها أمام كل مأساة ومصيبة جديدة : "لم يكن بالامكان أفضل مما كان " فلا ريب في ذلك ولا عجب طالما ان الزعيم الاوحد الملهم الذي لم تلد ولن تلد النساء مثله هو صاحب هذه السياسة .




إن من لم تتمثل أمتنا هذه العبارة التي تحرر الامم والشعوب من كل أنواع التبعية وتجعلها أمة حرة سيدة على قرارها، فإنها حتما ستزداد غرقا في الظلمات، وهذا هو حال أمتنا العربية منذ أن خرج الاستعمار من الباب وعاد من كل النوافذ، ولم تجن سوى المزيد من ظلمات التبعية واستهلاك أسلحة الخردة لدول الاستكبار والاستحمار لهذه الدول التي فقدت البوصلة.




ونحن الفلسطينيون بأشد الحاجة الى الوقوف مع الذات لننظر في حصاد سياستنا، في ماذا نجحنا وفي ماذا فشلنا وما هو الاسلوب الافضل لمقارعة الاحتلال، كيف نبني استراتيجية على تاريخنا الحافل لنرسم طريقا نحو التحرر من هذا الاحتلال ، كيف نبني الذات الثورية المتحررة من كل خوف وضعف وعجز، الذات الفردية والذات الجمعية ؟




لن تخرج قضيتنا من ظلماتها الا اذا حققنا ذاتنا باستقلالية تامة وأن نعيد النظر بكل أحوالنا باحثين عن الخلل للتصحيح وتقويم الذات.




لن تخرج قضيتنا من الظلمات ولن تبصر طريقها نحو التحرر الا اذا اتقنا معادلة الذات أمام المعادلات التي تريد أن تطوينا وتذيبنا في جوفها بشكل كامل بعد ان تعصر علينا عصارتها النتنة،




معادلة الذات هي الاساس وهي التي ينبغي ان نراهن عليها جيدا .




#الذات_الحرة_المستقلة ذات القرار السيادي كامل الدسم .





أحدث أقدم