#جريمة_اسراء_غريب قرع على جدران القوانين الظالمة ؟؟


اسراء ابو غريب   


خلصنا في رواية "أمهات في مدافن الاحياء" أن العدوّان الرئيسيان للمرأة
الفلسطينية هما الاحتلال والتخلف ، فمواجهة الاحتلال لنصف المجتمع المكون
من الذكور خير له من مواجهة مجتمع كامل ذكورا واناثا ، لذلك فإن إزاحة
المرأة عن دورها النضالي والتحرري وتقزيم وحشر دورها في زوايا ضيقة لا
تتعدى المطبخ وجدران البيت فيه مصلحة للاحتلال ، أما العدو الثاني للمرأة
فهو التخلف لانه أيضا حريص على سحق المرأة وشطب دورها في الحياة وربطها
أحيانا بمزاجية رجل يريد لها أن تتردّى الى أسفل درجات السلم الانساني .

ولا بد وان نرى الفرق شاسع بين ما هو عليه المجتمع من عادات وتقاليد
وثقافة وبين الدين الذي تسند اليه كثير من تصرفاتنا ظلما وعدوانا ، منها
الفرق الهائل بين نظرتنا للمرأة ونظرة الدين ، فالدين باختصار جعل المرأة
والرجل متساويان مكانة وقدرا وتكليفا ومسئولية وحملا للامانة ونشأة ومصيرا
وعبادة وثوابا وجزاءا ، وكل ذلك بكلمتين من القران : "بعضكم من بعض " او "
وخلق لكم من أنفسكم أزواجا " وجعلها حياة متكاملة بين الجنسين محفوفة
بالمودة والرحمة .. بينما تجد في ثقافتنا العجب العجاب ، " تزوج الصغيرة
حتى تكون بيدك كالعجينة " ، فالرجولة والفحولة في الهيمنة وضبط انفاس
المرأة على ايقاعات الرجل ، والعار لا يأتي الا من قبل المرأة بينما اذا
زنى الشاب فانه أسد ولا غبار عليه .
وفي سياق مجتمعنا الفلسطيني
ومجتمعاتنا العربية ، تصعقنا بين الحين والاخر قصة قتل امرأة او الاعتداء
عليها ومسح كرامتها ، ونشركرامة عائلتها على حبال الغسيل على خلفية هوس
وظنون ، تنتاب من استفحلت رجولتهم في موجة غضب عارمة ، عادة ما تنتهي
بارتكاب جريمة وفتح جرح في جسم العائلة لا ينتهي ألمه أبدا .
هي جريمة
قتل عمد مهما كانت دوافعها أو مبرراتها ، وهي قتل نفس بغير نفس والقاتل
يُنصّب نفسه قاضيا ومحاميا ونائبا للادعاء ومنفذا للحكم ، خلال دقائق يأخذ
كل هذه الادوار ويرى بنفسه أنه يمتلك الحقيقة والعدالة بالاضافة الى كرامة
العائلة وشرفها وعرضها وأنه حامي الحمى الذي لا يخطىء أبدا .
وقد تسبب
في تكرار هذه الجريمة : تساهل القضاء وعدم انزال العقوبة التي تتناسب مع
جريمة القتل العمد وكذلك الثقافة التي تبرر للقاتل جريمته ، لذلك لا بد من
العمل على المستويين : القضائي وسن القوانين الرادعة وعدم التفريق بينها
وبين أية جريمة قتل عمد . وكذلك لا بد من التوعية المجتمعية وان يقوم ائمة
المساجد بدورهم وتفنيد هذا الفعل دينيا ، يكفي أن القران اعتبر من يقتل
نفسا بغير نفس كانما قتل الناس جميعا ، فالعمل على ثقافة المجتمع في هذا
الموضوع الحساس والخطير في غاية الاهمية . والعمل أيضا ومن منطلقاتنا
ومرجعياتنا الفكرية بعيدا عن الاجندات الغريبة عن طبيعة مجتمعاتنا
والمدعومة غربا وشرقا والتي تسقط ما يخص المرأة في سياقات تلك المجتمعات
على سياق مختلف في مجتمعنا ، فما تزيد المرأة عندنا الا خبالا وعنتا
وتخلفا ولكن من نوع آخر ، فلا هي حققت ذاتها العربية ولا كانت غربية ولا
شرقية بل هجينة مغتربة في وطنها ، لا بد هنا من أن ننتبه أن الاصلاح
وتطوير وضع المرأة عندنا لا بد وأن يأتي ضمن سياقاتنا وبما يحافظ على
هويتنا الثقافية الاصيلة ، وعندنا ما يكفي لتمارس المرأة دورها وتحفظ
مكانتها وتتكامل مع الرجل لتشكل دورة الحياة الرشيدة .
اسراء غريب
بلا شك هي ضحية للتخلف والظلم والقهر التي ما زالت تتعرض اليه المرأة رغم
كل الجهود التي تبذل لاعطاء المرأة حقها ودورها الذي يتناسب مع مكانتها
وكرامتها ، بانتظار ما ستسفر عنه لجنة التحقيق لا بد من العمل على أن تكون
هذه آخر مآسي المرأة في بلدنا وان يكون هذا الحدث بمثابة :
#جرس_إنذار_وقرع_شديد_على_جدران_القوانين_الظالمة .



Previous Post Next Post