قضى 10سنوات في الاسر والان هو وابنه جريحان
دخلت غرفة المستشفى الاستشاري التي استقر فيها الجريحان : الولد وأبيه ،(
رسمي ابو عليا وابنه معاذ من قرية المغير التي داهمها المغول الاسبوع
الماضي ) الولد أصيب برصاصتين اخترقتا حوضه فأقعدته صريع الرصاص والاعاقة ،
والاب رصاصة اخترقت ركبته وتشظت ثلاث قطع في عظمه المسنّ ، وقد اكتسب اهل
القرية الخبرة ليميزوا بين رصاصة المستوطن المحتل ورصاصة جيش الاحتلال ،
فالوالد حظي برصاصة هذا الجيش حيث كانت من النوع الذي يتشظى قطعا صغيرة
حالما تدخل جسم الضحية ،وهذه من تلك التي يستخدمها الجيش ، الولد أصابه
رصاص مدفع رشاش م النوع الذي يستخدمه المستوطنون ، فمن نوع الرصاصة يشخص
مصدرها ، الولد أصابته رصاصة الغطرسة والعربدة التي يمارسها المستوطنون
بحماية من جيش المستوطنة الكبيرة التي أطلقوا عليها اسم دولة وسموها باسم
نبي على زعمهم : " اسرائيل " .
الفعل واحد : دينه وديدنه ممارسة
العربدة ، والنتيجة واحدة الانتقام من هذا الفلسطيني الذي يريد فلاحة أرضه
بعيدا عن هذه العربدة ، الوالد أصيب وهو يصلي في الارض المهددة بالمصادرة ،
والابن حالوا بينه وبين زيتون جده ، وقفوا في طريقه ولما أصرّ على ممارسة
حقه فتحوا عليه مدافعهم ليزرعوا الالم والموت وليلبسوه لباس القهر وليلقوا
عليه كل أحقادهم وسواد قلوبهم .
روح الانسان الفلسطيني تقع بين رصاصة
المستوطن ورصاصة الدولة المستوطنة! ، يحلو لهم ممارسة القنص واصطياد
الارواح التي لا يرونها سوى عابرة في سمائهم ، لا تحق لها الحياة الا اذا
إذا كانت عاملة خادمة في عمارة المستوطنة التي أقيمت خاوة على أرضهم ، لا
يجوز لها الا أن تكون قطيعا من الأغنام مستعدة للذبح ودخول مسالخهم ،
الفلسطيني الجيد هو الذي لا أرض له ولا وطن ولا تاريخ ولا حاضر ولا مستقبل ،
الماكينة التي تشتغل بروموتهم حيث وكيفما أرادوا ، الفلسطيني في نظرهم
روبوت يتحرك وفق برمجتهم ، يقوم بمهامه خير قيام ويعدم اذا حاد عن هذه
المهام .
رسمي أبو عليا أسير سابق احد عشر سنة ،( أقصد بعدم القول
اسير محرر ، فكيف يكون محررا وبيته وقريته معرضة للاجتياح من قبل المغول
الجدد) رجل عصامي دخل السجن مرفوع الرأس وخرج منه بعنفوان لا يقل عن
عنفوانه قبل أن يخوض غمار السجون ويغرسوا في جسده كل نصالهم ، لم يطلب من
أي كان جزاء أو شكرا أو منصبا أو رتبة عسكرية أو راتبا ، عاد ليعيد لسناسل
أرضه رونقها الأصيل ، دخل السجن مناضلا مجاهدا وعاد الى أرضه زارعا فالحا
ليخرج كنوزها الخالدة وزيتونها المبارك . رسمي ابو عليا عرفه حق المعرفة كل
من التقاه في السجون ، له سمته الخاص وبصمته الثائرة ومثابرته التي لا
تفتر في ميادين الخدمة والعطاء والسهر على راحة شركائه في القيد والحرية
والجهاد .
سار في حبسة طويلة من غير شكوى أو تظلم أو آهة تدل على لحظة
ضعف او انكسار أمام السجان ، بل كان متقنا لفن إغاظة الاعداء وضرب صدورهم
الحاقدة برمح روحه الثائرة ، يضرب بأقوى ما في نفسه نقاط ضعف نفوسهم
الظالمة المتهالكة والمغتاظة من جلد هؤلاء الاحرار . جاءه من يتصور نفسه
أنه ظل هذه الدول المقيتة وحامي حماها ، اقتحم بيته في غسق الليل ، مد يده
الملطخة بمدمائنا ليصافحه ، مشهد مسرحي معتاد عليه مع غير رسمي ولكن الامر
مع رسمي يختلف ، صده بمقتل في قلبه : " يدي لا تصافح المحتل " . وكلفت رسمي
هذا الموقف سنة اعتقالية أضيفت الى سنوات سجنه العشر السابقة .
رسمي
رجل ارتوى من مياه المغير وأشبع من زيتها الحر ، وقرية أنجبت مثل رسمي
رجال لا تثني عزائمهم غطرسة مستوطينين ولا جبروت جيش محتل ، أرواحهم تحلق
بين رصاصهم وتسكن على حافة الموت ، هم المنتصرون والمحررون بهذه الروح
العالية وهذه النفوس الابية الثائرة .
التسميات :
مقالات